في فنزويلا نكهة مغتربين مختلفة... "الجنرال بيروتي" للتخطيط العسكري و"صعب" و"حلبي" لشعر في كل اللغات
2016-02-03
في فنزويلا نكهة خاصة للمغتربين اللبنانين. هي مزيج من شطارة في التجارة وأناقة في التعاطي مع المجتمع الغريب، وثقافة أدبية بارزة على الرغم من أن الهوية العامة للإغتراب اللبناني في بلاد الإسبانيول هي " البزنس" .
ورغم أن إجمالي عدد المهاجرين اللبنانيين في فنزويلا لا يتجاوز النصف مليون مهاجرًا فإنهم أثبتوا كفاءة وتميزًا مبهرًا على باقي الجاليات الأخرى التي هاجرت إلى فنزويلا في منتصف القرن التاسع عشر.
وترك المهاجرون اللبنانيون بصمة بدت واضحة على تشكيلة الحكومات السابقة التي تضمنت اثنين من الوزراء من أصول لبنانية، كما يشغل آخر منصب محافظ لأهم الولايات القريبة من العاصمة كركاس، فضلاً عن أن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفنزويلي، ورئيس إحدى الجامعات، وأبرز الشعراء بالإضافة إلى المترجم والممثل الشخصي للرئيس شافيز جميعهم يمثلون أجيالاً مختلفة لمهاجرين من أصول لبنانية.
ويُعَدّ التعليم والإلمام باللغات الأجنبية، في مقدمة "الأسلحة" التي يستعين بها اللبناني في نجاحه بدول المهجر، بجانب قدرته الفائقة على الإقناع يتضح ذلك في النجاح المضمون للبناني في مجالات التجارة و"البزنس"، مهما كان نوع هذه التجارة. كما ربط الباحث بين نجاح المهاجرين اللبنانيين في الأنشطة التجارية، ونجاحهم السياسي والاقتصادي، والثقافي.
فقد أثبت المهاجرون اللبنانيون قدرة سريعة على الاندماج في المجتمع الفنزويلي في مجالات الحياة اليومية كافة.
هذا النجاح لم يكن قاصرًا على الأنشطة التجارية والاقتصادية فحسب، بل حقق الكثير منهم نجاحات مشهودة في المجال الثقافي سبقوا فيه غيرهم من أبناء البلد الأصليين.
في فنزويلا يُضرب المثل على العمق الثقافي اللبناني في المجتمع الفنزويلي بعائلة "قبشي" وجهود عميدها الدكتور "ريموند قبشي" الذي هاجر من شمال لبنان إلى فنزويلا عام 1941 عندما كان في ريعان الشباب، وظل من أقوى الأصوات المدافعة عن الثقافة العربية والشعور القومي، وأسس مجلة "الصحافة العربية" التي تصدر باللغة العربية.
وامتد عطاء اللبنانيين إلى الشعر والفنون والآداب حتى أصبح أشهر شعراء فنزويلا من أبناء الجالية اللبنانية.
عائلات شعرية
ومن القصص الطريفة يذكر قصة عائلة "صعب" الشعرية التي جاءت من البقاع الغربي، عبر رحلة الشاعر والأب "نمر صعب" وزوجته الشاعرة "علياء حلبي" في مطلع الستينيات من القرن الماضي، واستقر بهم الحال في مدينة "التيجري" الفنزويلية التي تشبه في جمال سحرها الطبيعة الجبلية الرائعة لمرتفعات البقاع الغربي في لبنان.
فانخرط الأب والأم في الحياة الثقافية، وأجادا كتابة الشعر باللغة الأسبانية وأنجبا طارق وإيمان ودوجلاس وريما ومارلين.
واللافت أن الأبناء أصبحوا من أشهر شعراء فنزويلا الآن، ويمثلونها في المحافل الثقافية الدولية، كذلك يشار إلى شيخ المترجمين الفنزويليين هو الدكتور "شفيق أبو جودة"، من مواليد "العبادية" الواقعة في منطقة عالية، والذي بدأ مشوار هجرته في عام 1969، حيث عمل أولاً بتجارة الأثاث، لكن إجادته للغة الأسبانية والعربية بجانب الفرنسية، جعله يحترف مهنة الترجمة بطريقة متميزة حتى انتزع لقب شيخ المترجمين من العربية إلى الأسبانية والعكس. ولم يترك المهاجر اللبناني أي مجال علمي أو أدبي إلا واقتحمه وأثبت فيه جدارة تلفت الأنظار.
ولم يكن المجال العسكري ببعيد عن أبناء الجالية اللبنانية، فالجنرال "خوزيه خوري بيروتي" أبرز وأشهر العسكريين في فنزويلا من مواليد كركاس 1940 لأب مهاجر لبناني اختار المجال العسكري وتدرج فيه حتى وصل إلى منصب مدير عام التخطيط في وزارة الدفاع الفنزويلية.
ولم يكن الجنرال خوزيه هو الوحيد الذي حقق نجاحًا في المجال العسكري، بل هناك طابور طويل من أبناء الجيل الثاني والثالث للمهاجرين اللبنانيين استطاع أن يتواجد في الكثير من المناصب العسكرية في فنزويلا.