اول مهاجر لبناني وعربي وصل الى الولايات المتحدة الاميركية بحسب الوثائق الرسمية ودوائر القيد هو انطونيوس البشعلاني وهو ماروني من قرية صليما وذلك سنة 1854. سافر الى الولايات المتحدة لانه كان يتقن اللغة الانكليزية التي تعلمها اثناء مرافقته للمرسلين الاوروبيين والاميركيين الذين كانوا يأتون الى الأراضي المقدسة ولبنان في منتصف القرن التاسع عشر الاميركي وايت هيد الذي وجه له دعوة غير جدية للمجيء الى الولايات المتحدة، وهو الذي ارخ حياته وقد فوجئ به واصلا الى مكتبه باللباس القروي والطربوش بعد ان رست السفينة في ولاية نيوجرسي. توفي البشعلاني بعد سنتين ودفن في بروكلين قرب نيويورك.
بعد سنوات عدة شهد لبنان مشاكل شبيهة بالتي نمر بها اليوم من حروب اهلية واضطهاد كما ضاقت سبل العيش باللبنانيين وازداد عددهم مما دفع الكثير منهم الى الهجرة.
المحطة الاولى للمهاجرين الجدد كانت مدينة نيويورك ومنها انتقلوا الى سائر الولايات تجمعوا في حي مانهاتن بحدود سنة 1880 وكان عددهم بالالاف. باعوا الايقونات والصلبان في البداية باعتبار انها من الاراضي المقدسة وارسلوا الاموال الى ذويهم في لبنان، الذين اعتقدوا ان كسب الاموال في الولايات المتحدة سهل جدا، مما سهل انتشارهم في مختلف الولايات. وكان لبناني من ال الفاعور صاحب مصرف يقرضهم المال ويؤمن لهم الكشة ويوجههم الى مختلف الاماكن غير ان المصرف أفلس في النهاية الا انه اعاد الاموال الى جميع المودعين.
هاجر الشباب اولا ومن ثم النساء ولاحقا العائلات الهجرة في البداية باكثريتها كانت لخمس سنوات باعتبارها مؤقتة الا ان الظروف منعتهم من العودة فاحدهم كما اخبرني ان ابنه رجع الى قريته بيت مري وزرع اشجار الصنوبر على اساس انه عائد ولكنه بقي في الغربة فتعليم الاولاد في مدارس مجانية واتقانهم اللغة الانكليزية بدلا من العربية وتاسيس بيت وعمل كلها جعلت العودة صعبة هذا مع وصول اخبار ماساوية من لبنان الحرب العالمية الاولى المجاعة الموت الحالة المالية الاقتصادية عملوا في الكشة كانوا يبيعون امورا صغيرة يقصدون الاماكن البعيدة المعامل المزارع المناجم حيث كانوا ينتظرونهم قضى الكثير منهم في حوادث امنية وبظروف قاسية احدهم لدي وثيقة عنه كان يبيع الهنود الحمر ويتقن لغتهم كما كان صديقا لرئيس القبيلة.
من الناحية الدينية اول كاهن وصل الى الولايات المتحدة سنة 1880 هو المونسنيور بطرس قرقماز من جورة الترمس وصل الى نيويورك ومعه رسالة من البطريرك يوحنا الحاج او من اهتم بالمغتربين ومن روما تسمح له بخدمة الطائفة في الولايات المتحدة بموافقة السلطات الدينية المحلية.
بعد مصاعب كثيرة، أسس المونسنيور قرقماز كنيسة في الطابق الاول من احد المباني وفي الثاني كان منزله والثالث خصص لايواء المهاجرين الجدد ريثما يجدون مسكنا لهم. قام بجولة في الولايات المتحدة بعد ان تعلم اللغة الانكليزية. ابن اخته يوسف يزبك الذي هاجر معه كان الكاهن الماروني الثاني وبعدما توسعت الجالية وكبرت ارسل بطلب كهنة من عائلته وكانوا بحدود السبعة او الثمانية واسسوا 13 كنيسة.
وكان اللبنانيون من مختلف الطوائف يبعثون برسائل الى البطريرك يوقعون عليها ويطلبون اليه ارسال كهنه لانهم كانوا يريدون تربية اولادهم على الطريقة الشرقية وتعليمهم اللغة العربية على ان يتكفوا بكل المصاريف.
وبوقت قصير اصبحت الكنيسة المارونية مرجعا لكل اللبنانيين وكأنها سفارتهم، وهناك العديد من الوثائق والرسائل، مثلا رسالة من توليدو في ولاية اوهايو واغلب الموقعين عليها غير موارنة حوالي سنة 1920، وهكذا ارتفع عدد الكنائس المارونية الى 30.
المصدر:وثائق د. جورج لبكي